السور

الاثنين، مايو 29، 2006

"دستوركم فاشل"

الحديث عن الدستور الكويتي ذو شجون. فهو للكويتيين مصدر قوة و مرجعٌ عند الاختلاف و ملاذٌ لمن لا ينصفه القانون، و يعتبره الكثير منا صمام أمان لضمان سيادة القانون و الحول دون الاستبداد و الطغيان. و بالاضافة إلى هذا، فإن الدستور الكويتي يذكِّر الكويتيين بحقبة زمنية كانت فيها بلدهم مضربا للأمثال بين فريناتها، أعزّ الحاكم فيها الشعبَ فأحبوه، وارتفعت فيها أسقف الحريات فلم يسئ أحد استعمالها. كان المجتمع في ذلك الوقت مخضرماً، عرف كويت ما قبل النفط فذاق شظافة العيش و كابد مشقّات الحياة فتأصلت فيه قيم المجتمع البسيط، ثم شهد كويت ما بعد النفط فتعامل مع الواقع الجديد بتلك القيم العريقة لينتج لنا ما نعرفه بالعصر الذهبي للكويت - حقبة الستينيات. و لذلك كله فإن الدستور الكويتي قريب من قلب كل مواطن مخلص.

إن قيمة أي دستور لا تقاس فقط بما حواه من مواد، و إنما تقاس كذلك بضمانه لآلية صون تلك المواد. فتمتاز الدساتير الحية باحتوائها على ما يعرف بالـ Checks and Balances و من أمثلتها تحقيق مبدأ فصل السلطات و ضمان -و هو الأهم- عدم ضغيان سلطة على سلطة أخرى. فعلى سبيل المثال، المخطط أدناه (مأخوذ من الإنترنت) يبين كيفية تحقيق هذا المبدأ عن طريق توازن السلطات في الولايات المتحدة الأمركية.





إن الأحداث السياسية في الثلاثة عقود الماضية - و ما نتج عنها من أزمات بين السلطتين التشريعية و التنفيذية التي أدت في أغلب الأحيان إلى حل مجلس الأمة - أثبتت و جود خلل دستوري متمثلاً في عدم توازن السلطات. و لعل استذكار بعض الحقائق يبين لنا بعض مواطن الخلل.

أولاً: ليس لدينا برلمان منتخب بالكامل.

نعم، فثلث أعضاء البرلمان غير منتخبين و لم يأتوا بإرادة الشعب و لا يمثلون إلا من عيّنهم بتلك المناصب. مما يؤدي في بعض الأحيان إلى ترجيح رأي الأقلية المنتخبة على رأي الأغلبية المنتخبة، أو بمعنى آخر، ترجيح رأي السلطة التنفيذية على رأي الأغلبية المنتخبة.

ثانيا: السلطة القضائية ليست مستقلة تماماً.

لا يوجد رابط بين السلطة القضائية و السلطة التشريعية بقوة الرابط بين السلطة القضائية و السلطة التنفيذية، الأمر الذي يرجح كفّة السلطة التنفيذية في هذه المعادلة.

ثالثاً: إمكانية حل البرلمان.

إن وجود هذا الخيار دونما ضوابط موضوعية قد يؤدي إلى تعطيل تحقيق الإرادة الشعبية.

هناك من يدافع عن الدستور الكويتي و كأنه بلغ درجة الكمال، و هناك من يدافع عنه خوفاً من أن "يعبث" به أحد، و كلاهما مخطئ. إن الدستور الكويتي لم يضمن آلية تنفيذ مواده و ذلك بإغفاله وضع آلية لتوازن السلطات. فإلى من يرى قدسية الدستور الكويتي أقول: "دستورك فاشل".



6 Comments:

  • من الواضح بالنسبة لي أن تصويت الوزراء في المجلس أكير عدم اتزان في فصل السلطات.

    ولكن الناس عندما تركض لتعديل الدستور، لا تنظر إلى هذه المغالطة الكبرى. بل إلى ما دونها.

    أما تدخل السلطة التنفيدية بقرارات السلطة التشريعية فهي ليست بالبال.

    ونعرف أصل هذه الغلطة، أو الوصمة، متى رجعنا لمحاضر جلسات المجلس التأسيسي.

    ويعطيك العافية...

    By Blogger شرقاوي, at 5:09 م  

  • أنا زعلت


    أنا أحب الدستور ويمكن الشي الوحيد اللي عليه نرتكز في كل أزمة

    لكنه صح غير كامل، والكمال لله

    ولازم نذكر إن الدستور انحط من الشعب للعائلة الحاكمة واضطرت من خلاله تتنازل عن الكثير من صلاحياتها

    ولذلك أزعل لما أشوف كلمة فاشل لأن الأرواح والناس والاعتقالات اللي صارت لضبط العملية كانت كبيرة والشعب ضحى فيها وايد

    وأخيرا

    يخسون، هذا مو دستورهم
    هذا دستورنا

    By Blogger Arfana, at 2:33 ص  

  • arfana,

    مو قصدي تزعلين :) فأنا أيضا أقدر التضحيات التي بذلت من أجل الدستور في الأوضاع التي كانت سائدة ذلك الوقت، و أظن بأن على الجيل الجديد من الكويتيين أن يعمل كما عمل الأجداد من أجل الحصول على مزيد من الضمانات


    Wafra,

    يبدو أنك تحتاج قراءة ما كتب في المدونة


    بو سعود

    أنا مثلك أخي الكريم حريص على المكتسبات التي لا يمكن أن نتنازل عنها، كما أنني أقدر أنه في تلك الحقبة التي وضع فيها الدستور لم يكن بالإمكان أكثر مما كان. إن محاربة الدستور و محاولات الالتفاف عليه منذ نشأته و حتى يومنا هذا جعلت جهود الكويتيين منحصرة بالدفاع عن الدستور دونما المطالبة بتطويره، بل أننا وصلنا إلى درجة نكره فيها كلمة *تنقيح* التدستور و كأنها حتما مرتبطة بالتخلي عن المكتسبات. إن هدف المقال هو كسر الـ تابو* الذي يمنعنا من انتقاد الدستور و إلقاء الضوء على بعض مواطن الخلل فيه، و الحث على تطويره. و لا ندري ربما لو رأى الذين يحاربون الدستور أننا نريد تطويره لمزيد من ضمان الحريات و دعم المكتسبات لأدركوا عدم جدوى محاولاتهم

    By Blogger Murgabi, at 12:42 م  

  • ذباح .. جتال والله انك جتال :-)


    الدستور لا يمنع تكوين أحزاب


    كاهم الاخوان المسلمين حزب بس سبحان الله هالكلمة صارت عيب!! قصدي "حزب" مو الثانية

    كلامكم كله صحيح "ما عدا فاشل أنا ليلحين زعلانة".. لكن: لكل زمان كلام "هذي تأليفي"، وهذا ليلحين مو زمان التعديل

    إذا نواب مثل الناس ليلحين مو قادرين نطلع!!!! ولذلك.. نبيها خمس

    ويعطيكم العافية

    By Blogger Arfana, at 12:52 ص  

  • arfana,

    ما نبيج تزعلين علينا انتِ من أوائل زملائنا بالمدونة و نعتز بوجوكِ وآرائك. لا شك أن الدستور نجح بعمل الكثير للحياة السياسية في الكويت و قد ذكرنا هذا الشيء في أول المقال. الفشل شيء نسبي، وقد تسبب الخلل الدستوري في ما نحن فيه من تعطيل الإرادة الشعبية. و صدقيني كنت متألما كثيرا عندما اخترت هذه الكلمة لوصف ما آراه من خلل، و لكني استخدمت هذه الكلمة لتسليط الضوء على الموضوع و استرعاء انتباه من يرى قدسية الدستور لا أكثر، و سامحينا


    صديقنا العزيز ذباح المضرع، كأنك كما يقولون، مضيّع تالي الليل

    الشباب يستحقون الشكر و لكن على مدونتهم، فنحن لم نساهم بأي شكل في تنظيم الندوة. و أود أن أضيف أن النائب أحمد السعدون دعى كذلك إلى إقصاء رموز الفساد من التشكيل الحكومي المقبل


    إضافة أخيرة، مبروك

    مطالب أرفانا و مدونة السور ترى النور

    سررنا أيما سرور عندما دعى النائب أحمد السعدون لعمل وثيقة تتضمن المطالب الإصلاحية ليوقّع عليها المرشحون لمجلس الأمة، فتكون الوثيقة بمثابة المحك الذي يبين الإصلاحيين من غيرهم

    By Blogger Murgabi, at 2:07 ص  

  • murgabi,

    merci khales bas hatha el wajeb!

    until some action prevails...

    may the force be with you :-)

    By Blogger Arfana, at 1:58 ص  

إرسال تعليق

<< Home